يشهد طقس الليلة عدة تقلبات جوية متلاحقة، حيث يتوقع المعهد الوطني للرصد الجوي أن تكون الأجواء في أغلب المناطق الشمالية غير مستقرة، مع ظهور سحب كثيفة أحيانًا، تترافق بأمطار متفرقة قد تكتسي صبغة رعدية في بعض الفترات. هذه الأمطار ستكون أكثر فاعلية على المناطق الساحلية الشمالية، أين تتوفر الظروف المناسبة لنزول كميات محلية من الأمطار الغزيرة، بما في ذلك إمكانية تساقط البرد في أماكن محدودة. ويُعد هذا النشاط المنتظر امتدادًا لحالة عدم الاستقرار التي شهدتها البلاد خلال الساعات الماضية، نتيجة وصول تيارات هوائية باردة ورطبة من الجهة الغربية للبحر الأبيض المتوسط.
وسيلاحظ سكان المناطق الداخلية للشمال والوسط مرور سحب عابرة لا يُتوقع أن تكون بنفس كثافة السحب الساحلية، لكن ذلك لا يلغي إمكانية تسجيل بعض الأمطار الضعيفة والمحلية خاصة في الفترات المتأخرة من الليل. أما في الجنوب، فستكون السماء مغشاة ببعض السحب التي لا تحمل فاعلية تذكر، لتبقى الأجواء عمومًا مستقرة مقارنة ببقية أنحاء البلاد، رغم الإحساس المتزايد بالبرودة الناتج عن نشاط الرياح.
أما بخصوص حركة الرياح، فينتظر أن تهب رياح قوية من القطاع الغربي إلى الجنوبي الغربي، وتكون سرعتها عالية خاصة قرب السواحل الشمالية والشرقية، وكذلك بالمناطق المرتفعة حيث تتجاوز الهبات مؤقتًا حاجز 60 كلم/س. هذه الرياح تمثل عنصرًا مهمًا في المشهد الجوي لهذه الليلة، إذ تساهم في زيادة الإحساس بالبرودة، وتلعب دورًا في تشكل السحب الركامية فوق البحر قبل أن تتقدم نحو اليابسة. وفي بقية المناطق، ستكون الرياح معتدلة إلى قوية نسبيًا، مما قد يؤدي إلى إثارة الرمال والأتربة في أجزاء من الجنوب، مع إمكانية تراجع مدى الرؤية الأفقية نسبيًا.
وتنعكس هذه الرياح القوية بشكل مباشر على حالة البحر، إذ سيكون البحر شديد الاضطراب إلى هائج بالشمال نتيجة الاضطرابات الجوية النشطة في الحوض الغربي للمتوسط. ومن المتوقع أن ترتفع الأمواج وتزداد خطورتها، ما يجعل الملاحة البحرية والصيد البحري في المناطق الشمالية محفوفين بالمخاطر. أما على بقية السواحل التونسية، فسيكون البحر مضطربًا إلى شديد الاضطراب، وهو ما يستدعي الحذر من المهنيين والبحارة، خصوصًا في الفترات التي تتزامن مع هبوب الرياح القوية أو مع نشاط السحب الرعدية الراسية فوق البحر.
ومن ناحية درجات الحرارة، ستشهد البلاد انخفاضًا ملحوظًا مقارنة بالأيام السابقة، حيث تتراوح الحرارة أثناء الليل بين 4 و8 درجات بالمناطق الغربية للشمال والوسط، وهي درجات منخفضة تعكس التأثير المباشر للكتلة الهوائية الباردة التي تقترب من المنطقة. وقد يزداد الإحساس بالبرودة بفعل الرياح، خاصة في المرتفعات والسهول المفتوحة. هذا الانخفاض الحراري، الذي يتزامن مع بداية دخول فصل الشتاء فعليًا، يدفع السكان إلى اعتماد الملابس الثقيلة، كما قد يتسبب في ارتفاع الطلب على وسائل التدفئة.
وبقية المناطق، وخاصة السواحل الشرقية والجنوبية، ستسجل حرارة تتراوح بين 9 و11 درجة، وهي درجات تُعتبر بدورها منخفضة وتعزّز الأجواء الشتوية التي بدأت تتشكل بوضوح خلال هذه الفترة. ومن المتوقع أن يكون الطقس في هذه الجهات باردًا ليلًا، مع إمكانية الشعور بحرارة أقل من المُسجّلة فعليًا بسبب تأثير الرياح الغربية النشطة.
ويمثل هذا المشهد الجوي مزيجًا بين اضطرابات محلية ناتجة عن نشاط منخفضات جوية قريبة، وبين تأثيرات مباشرة للكتلة الهوائية الباردة القادمة من أوروبا. وفي مثل هذه الحالات، يوصي خبراء الرصد الجوي بضرورة توخي الحذر أثناء القيادة خصوصًا في الطرقات الجبلية والرطبة، إضافة إلى تجنب الاقتراب من مجاري الأودية في المناطق التي قد تشهد أمطارًا غزيرة مؤقتة. كما يُنصح البحارة بعدم الإبحار خلال الساعات القادمة، نظرًا لخطورة الحالة البحرية واضطراب الأمواج.
وفي السياق نفسه، يشير خبراء الطقس إلى أن هذا النوع من aالتقلبات الجوية يُعتبر طبيعيًا خلال هذه الفترة من السنة، إذ يُعد شهر ديسمبر من الأشهر التي تشهد عادة اضطرابات متتالية، خاصة عندما تتعمق المنخفضات الجوية في الحوض المتوسطي. كما يتوقع أن تتواصل هذه التقلبات خلال الأيام القادمة بدرجات متفاوتة، مع إمكانية تسجيل موجات برد أقوى في بعض الفترات، وفق المعطيات المناخية الأولية.
وتساهم هذه الأمطار المنتظرة، رغم طابعها المحدود جغرافيًا، في دعم المخزون المائي خاصة في المناطق الشمالية التي تعتمد على السدود بشكل أساسي. كما تُعد هذه الأمطار مفيدة للغطاء النباتي، خصوصًا في بداية الموسم الفلاحي الشتوي، على الرغم من أن غزارتها أحيانًا قد تتسبب في بعض الأضرار الموضعية.
ويُذكر أن المعهد الوطني للرصد الجوي سيواصل متابعة الوضعية، ويصدر نشرات محيّنة في حال تسجيل تطورات غير متوقعة في حالة الطقس، خاصة إذا ازدادت فاعلية السحب الرعدية أو تعمقت التقلبات الجوية أكثر خلال فترات الليل المتأخرة.
وبشكل عام، يمكن القول إن طقس الليلة يحمل سمات شتوية واضحة، تتراوح بين السحب الكثيفة والأمطار الرعدية بالشمال، والرياح القوية التي تؤثر على مختلف الجهات، إضافة إلى الانخفاض الملحوظ في درجات الحرارة وهيجان البحر. وهي وضعية تستوجب الحذر والتهيؤ، سواء من المواطنين أو من المتدخلين في القطاعات الحساسة مثل النقل والملاحة البحرية.
